اداب الدعاء

قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) ، وقال تعالى أيضاً ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم )


وقد روي في رسالة الإمام أبي القاسم القيشري رضي الله عنه قال : اختلف الناس في أن الأفضل الدعاء أم السكوت والرضا ، ومنهم من قال الدعاء عبادة ، لأن الدعاء اظهار افتقار لله عز وجل ، وقالت طائفة : السكوت والحمود تحت جريان الحكم أتم ، والرضا بما سبق به القدر أولى . وقال قوم : يكون صاحب دعاء بلسانه ورضا بقلبه ليأتي بالأمرين جميعاً


ومن آداب الدعاء حضور القلب ، وقال بعض العلماء : المراد بالدعاء إظهار الفاقة وإلا فالله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء


وقال الإمام أبو حامد الغزالي : آداب الدعاء عشرة : الأول أن يترصد الأزمان الشريفة كيوم عرفة وشهر رمضان ويوم الجمعة والثلث الأخير من الليل ووقت الأسحار ، الثاني أن يغتنم الأحوال الشريفة كحالة السجود والتقاء الجيوش ونزول الغيث وإقامة الصلاة وبعدها . قلت : وحالة رقة القلب . الثالث استقبال القبلة ورفع اليدين ويمسح بهما وجهه في آخره ، الرابع خفض صوت الدعاء ، الخامس أن لا يتكلف في السجع والأولى أن يقتصر على الدعوات المأثورة ، ، وقد قال بعضهم : ادع بلسان الذلة والافتقار ، لا بلسان الفصاحة والانطلاق ، ويقال : إن العلماء والأبدال لا يزيدون في الدعاء على سبع كلمات ، ويشهد له ما ذكره الله تعالى في آخر سورة البقرة : ( ربنا لا تؤاخذنا )


لم يخبر الله سبحانه في موضع عن أدعية عباده بأكثر من ذلك ، ولا يكره الزيادة على السبع . الأدب السادس التضرع والخشوع والرهبة ، وأما السابع فهو أن يجزم بالطلب ويوقن بالإجابة ويصدق فيها ، والثامن أن يلح في الدعاء ويكرره ثلاثاً ولا يسنبطئ الإجابة ، والتاسع أن يفتتح الدعاء بذكر الله تعالى ، وبالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويختمه بذلك أيضاً ، وأما الأمر العاشر وهو أهمها والأصل في الإجابة هو التوبة ورد الظالم والإقبال على الله تعالى

قال الغزالي : القضاء لا رد له ، فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء